مهلا ايها الغائرون بالتكفير ....


إن الفكر التكفيري يعد من جملة الأخطار التي هزت أرض المسلمين هزة عنيفة أطاحت برواسخ الثبات في كل ضروب الحياة ، وأحدثت صدعا قويا في صرح الأمة ساق الأعداء إلى مهاوي التشويه والطعن في مقدساتنا وأئمتنا وعقيدتنا بكل توجهاتها على حد سوى ، وإن ما يعكسه المشهد الفكري الآن في هذا الميدان ، ليأخذ بالألباب إلى منعطف من الذعر والفزع، برق منه البصر، وتهدج منه أصوات أهل العلم الأكفاء ، فقد تتابعت حلقات التكفير والتفجير على حد سوى ، فآثارهما استطارت الأفئدة شعاعا ورهباً ، وهي كثيرة لا تحصى فأحصيها ، ولا هي مما يستقصى فأختار بعضا من نواحيها ، بانت أناملها تلو غرق أهلها في ظلمات بحر لجي تتابعت ظلماته ، بعد أن غشيته أمواجه المتطابقة .
وبعد أن نشر هذا الفكر الغالي رداءه الأسود ، صدحت ألسنة أصحابه تضج الفضاء عجيجا وتكفيرا ، فحلك الكون ، وغابت نجوم الأمن من الحياة ، وأخذت الأصابع الخفية الخبيثة تلقي بوابل من الدسائس المشينة على كاهل الإسلام المظلوم ، واختلط الأمر على المفاهيم وأشكل ، وتحمل الإسلام مسئولية تلك الأفكار المعقدة المركبة التي تنقبض عند ذكرها الخواطر، وشاع الترنم بها في الشبكة العنكبوتية وغيرها من وسائل الدعاية الترويجية المقروءة والمرئية والمسموعة ، وامتلأ الميدان تكفيرا ، وعلت فيه الأصوات تناحرا وضجيجا ، وزهقت نفوس في لظاها ، وضاعت ثمرات تحت رحاها .
ويالها من عقول مظلمة خابية الشعاع ، وقفت أمتنا بسببها اليوم على حافة الهاوية ، فكم من تهديد بالتكفير علقوه على رؤوس أفرادها ؟! وكم من روح سمحة طمسوها بعد أن طفقوا يخصفون عليها بوابل من الحماقة والغلظة ؟! ولم يعد لديهم ما يُقنعون به ضمير ديننا الرحب السمح باستحقاقهم للوجود بعدما انتهت إليه أفكارهم الضامرة .
ونظريات التكفير اجتذبت في أول عهدها عددًا كبيرا ، باعتبارها مذهبًا يحمل طابع العقيدة ، ولكن تراجع رواجها تراجعًا واضحًا بعد أن أدركت المجتمعات أن فكرة التكفير تناهض طبيعة الفطرة البشرية ومقتضياتها ، ولا تنمو إلا في بيئة محطمة ! أو بيئة قد ألفت غياب العاطفة الإيمانية والحنو الوجداني ، وحتى في مثل هذه البيئات بدأ يظهر فشلها ، ما أثر سلبا على اتساع دائرة الدعوة إلى الله تعالى .
وبدا حصاد مر في نظرة الغرب إلى الإسلام من خلال هؤلاء ، وانفجر بركان ثائر ضد ديننا وعقيدتنا فقذف دعوتنا بحممه ، ونهدت زبانية الجحيم من كل حدب وصوب يتخذون من ذلك مغنما مشاعا تروج فيه لحربها على الإسلام ، وطفقوا يلقوننا من بيوتاتهم المظلمة في الغرب ما يريح هويتهم المفقودة ، وطالبوا بنزع فتيل الحرب من نصوص القرآن بعد أن اتهموه بالتشدد والإرهاب ، وراحت خطى تسرق بالليل إلى تعاليم الإسلام السمحة الرحيمة بعد أن كانت صحيحة فشوهوها ، وحقائق تدعو الناس إلى الإسلام بلا جهد وتنير حنادس الأجواء المظلمة فطمسوها .
وتلك فتنة سعرتها أفئدة الغلاة ، وأوقدتها ألسنتهم المتسلطة ، فانقضاضهم على عقيدة المسلمين انقضاض البزاة على طرائدها ، وإسراعهم إلى التكفير إسراع العطاش إلى مواردها ، حتى امتدت أيديهم إلى وحدتنا فمزقتها ، وإلى صفاء عقيدتنا فعكرتها ،إنهم زعموا أن أي مذنب كافر مخلد في النار ولو قال الشهادتين وأدى كل فرائض الإسلام من صلاة وزكاة وحج وصيام ، ولو ابتعد عن الكبائر والفواحش، وأتى بالقربات والطاعات المرضية للرحمن فما اعجب هؤلاء .

تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.

عن الكاتب

دكتور / محمد عبد الدايم علي سليمان محمد الجندي الجعفري

0 التعليقات لموضوع "مهلا ايها الغائرون بالتكفير ...."


الابتسامات الابتسامات