اليهود وفكرة شعب الله المختار وتبرير الإبادة



اليهود وفكرة شعب الله المختار وتبرير الإبادة :
تنبعث الفوقية العنصرية من طريق فكرة الحلولية والشعب المختار المستقاة من أدبيات اليهود المقدسة ، وترتب عليها ثلاثة مفاهيم مترابطة غير منفصمة وهي: اليهودية والصهيونية والإسرائيلية، فالتوراة تعتبر الشعب العبراني "شعب الله المختار" وسائر الشعوب (غرباء) ، وهذا المصطلح، شعب الله المختار، وجد لـه تعبيراً في صور وأشكال ومظاهر عدة، وعلى كل الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية، وحتى الاختراعات والاكتشافات العلمية كانت تهدف إلى إبراز الفوقية والتفرد اليهودي بلا منازع .
ويدعي التلمود أن روح الإله من روح الشعب كما أن الابن جزء من أمه، ولذا فمن يعتدي على يهودي فهو كمن يعتدي على العزة الإلهية، ومن يعادي جماعة "إسرائيل" أو يكرهها فإنه يعادي الإله ويكرهه( ) ، وهذه النظرة الحلولية المتطرفة يتبدى فيها التميز الحاد والقاطع بين اليهود كشعب مختار مقدس يحل فيه الإله من جهة والشعوب الأخرى التي تقع خارج دائرة التقديس من جهة أخرى ( ) ،
والتلمود يصور الإله على أنه متعصب بشكل كامل لشعبه المختار ، ولذا فهو يعبر عن ندمه على تركه اليهود في تعاسة وشقاء حتى إنه يبكي ويلطم ، ويمضي وقتا طويلا من الليل يزأر كالأسد ) ( )
وقد صاغوا في العهد القديم نصوصا تخدم فكرتهم هذه ، منها :
" والآن إن امتثلتم أوامري وحفظتم عهدي ، فإنكم تكونون لي خاصة من جميع شعوب الأرض لأن شعوب الأرض لي " ( ) ، ومنها أيضا قوله : " لأنك شعب مقدس للرب إلهك وإياك اصطفى الرب
إلهك أن تكون له أمة خاصة من جميع الأمم التي على وجه الأرض " ( )، وهذا الاختيار يعطيهم هذه النظرة الدونية لغير اليهود ، بل أكثر من هذا ، إنهم يعتبرون الشعوب الأخرى في أدنى درك للحقارة والتدني ، ويصفونهم بنعوت ضد معاني الشرف و الإنسانية ، فيرونهم خلقوا فقط ليكونوا عبيدا لبنى إسرائيل .
ففي سفر التكوين يخاطب إسحق ابنه يعقوب قائلا : ( ليستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل ) ( )، وقال الرب لشعبه ( مباركا تكون فوق الشعوب ) ( )، ويقول ( أنت فوق الشعوب ) ( ).
وقد تمخض عن الفكرة الحلولية والاصطفائية التي اعتقدها اليهود ، عنصرية تمنحهم الضوء الأخضر للقتل وإزهاق الأنفس، بل تجعل غير اليهود خدما وأنفسا رخيصة تستحق الذل والمهانة والإبادة ، جاء في سفر أشعياء :
( ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنوا الغريب حراثيكم ، أما أنتم فتُدعون كهنة الرب

تُسمََون خدام إلهنا تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتأمََرون ) ( ) .
وفي سفر ميخا ( قومي ودوسي يا بنت صهيون لأني أجعل قرنك حديدا وأظلافك أجعلها نحاسا فتسحقين شعوبا كثيرين ) ( ) .
و ها هو النبي أشعيا يتباهى بإذلال غير اليهود ويجعل لحومهم طعاما ، ودمائهم خمرا : ( ويكون الملوك حاضنيك و سيداتهم مرضعاتك، بالوجه إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار رجليك فتعلمين أني أنا الرب الذي لا يخزي منتظروه ..... وأنا أُخاصم مُخَاصمكِ وأخلصُ أَولاَدك ، وأَطْعِمُ ظَالِمِيكِ لَحمَ أَنفسهِمْ ويسْكَرونَ بِدمِهِمْ "( ) .
وإن الوثني الذي يدرس التوراة يستحّق عقوبة الموت في نظر الرابي يوحنان، لأنّ موسى أوصى كما يشرح هذا الرابي بناموس ميراث جماعة يعقوب، أي أنّ التوراة هي ميراثهم وحدهم، فلهم الميّزة والأفضلية إزاء الأغيار، وهو ما تكرسّه أقوال الفقهاء اليهود في التلمود فنقرأ قول الرابي حنينا:" إذا ضرب الوثنّي يهودّياً استّحق الموت". ويقول أيضاً :" من ضرب إسرائيلياً على فكّه كأنّه اعتدى على الحضرة الإلهية." ( ).
ومن هذا المنطلق فعنصرية اليهود عنصرية مقدسة لها أصول تشريعية في كتبهم ، وهي سبب رئيس في التحرك المقدس للقتل والدمار ، ومن أمثلة انعكاس هذه النظرة على الواقع ، ما جاء في تصريحات الحاخام عوفاديا يوسف العنصرية التي أدلى بها في أواخر نيسان 2001م ، ووصف فيها العرب بأنهم أولاد أفاعٍ، وأن الله ندم لأنه خلقهم، وبالتالي فإن من الواجب قتلهم ( ) .
وقد بلغت عنصريتهم واستعلاءهم على باقي الشعوب إلى تحريم زواج اليهودي من أهل الديانات الأخرى ، بل و يحرم عليه العيش و الاختلاط مع الشعوب الأخرى :
فها هو عزرا يصرخ ويصيح ، لأنه وجد بني إسرائيل قد تزوجوا من بنات الشعوب المجاورة ويقول :
( إِن الأَرْضَ التِي تَدْخلونَ لِتَمتَلكوهَا هِيَ أرض متنجسَة بِنَجَاسة شُعُوبِ الأَرَاضِي بِرجاسَاتِهِمِ الَتِي مَلأوهَا بِهَا مِن جهة إِلَى جهة بِنَجَاسَتِهِمْ. والآن فَلاَ تعطُوا بَنَاتِكُم لِبَنِيهِم وَلاَ تأخذوا بناتِهِم لِبَنِيكم ولاَ تَطلبُوا سَلاَمَتَهم وَخَيرَهم إِلَى الأَبد لِتَتَشدَّدُوا وتَأكلوا خَيْرَ الأَرْضِ وَتورِثوا بَنِيكمْ إِياهَا إِلَى الأَبَدِ. وبعد كل مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الردِيئَة وَآثَامنا العَظِيمَةِ - لأَنكَ قَد جَازَيتَنا يَا إِلَهَنَا أَقَل مِنْ آثَامِنَا وأَعْطَيتَنا نَجاة كَهَذِهِ أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدى وَصَايَاكَ وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حتى تفنينا فَلاَ تَكون بقية ولاَ نَجاة ؟ ) ( ).
واليهودي الورع كما ذكر أحد كتابهم ( ) " يشكر اللله لأنه لم يجعله غير يهودي ، والفقرة الختامية في الصلاة اليومية ، والتي تتلى أيضا فيفي قداس رأس السنة تبدأ بما يلي " يجب أن نحمد الربلأنه لم يجعلنا مثل أمم الأرض ، لأنهم ينحنون للعبث والعدم ، ويصلون لإله لا يقدم العون " ( ) .
وقد أسقط اليهود تشريعاتهم العنصرية هذه على مناهج التدريس للطلبة اليهود في المدارس والمؤسسات اليهودية الصرفة ، وقد أدى تدريس التوراة بطريقة غير نقدية إلى تشكل اتجاهات التعصب المختلفة خصوصاً فكرة (الشعب المختار) وسموِّ الشريعة الموسوية، ودراسة أفعال الإبادة الجماعية التي مارسها الأبطال التوراتيون ( ) .

تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.

عن الكاتب

دكتور / محمد عبد الدايم علي سليمان محمد الجندي الجعفري

0 التعليقات لموضوع "اليهود وفكرة شعب الله المختار وتبرير الإبادة"


الابتسامات الابتسامات